فصل: 32- فصل فيما يقع على الواحد والجمع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه اللغة وسر العربية ***


القسم الثاني‏:‏ سر العربية في مجاري كلام العرب وسننها، والاستشهاد بالقرآن على أكثرها

1- فصل في تقديم المؤخر وتأخير المقدم

- العرب تبتدئ بذكر الشيء والمقدَّم غيره، كما قال عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين‏}‏ وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فمنكم كافر ومنكم مؤمن‏}‏ وكما قال عزّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور‏}‏ وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وهو الذي خلق الليل والنهار‏}‏ وكما قال حسان بن ثابت في ذكر بني هاشم‏:‏

بَهالِيل منهم جعفر وابن أمّه *** عليٌ ومنهم أحمد المُتَخَيَّرُ‏.‏

وكما قال الصَّلتان العبديّ‏:‏

فَمِلَّتنا أننا مسلمون *** على دين صدِّيقنا والنّبيْ‏.‏

2- فصل يناسبه في التقديم والتاخير

- العرب تقول‏:‏ أكرَمني وأكرَمته زيد وتقديره‏:‏ أكرمني زيد وأكرَمته، كما قال تعالى حكاية عن ذي القرنين‏:‏ ‏{‏آتوني أفرِغ عليه قِطرا‏}‏ تقديره‏:‏ آتوني قِطراً أفرغ عليه، وكما قال حلَّ جلاله‏:‏ ‏{‏الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيِّماً‏}‏ وتقديره أنزل على عبده الكتاب قيِّما، ولم يجعل له عوجا، وكما قال امرؤ القيس‏:‏

ولو أن ما أسعى لأدنى معيشةٍ *** كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال‏.‏

وتقديره‏:‏ كفاني قليل من المال، ولم أطلبه‏.‏

وكما قال طَرَفة‏:‏

وكرَّى إذا نادى المضاف مجنَّباً *** كذئب الغضى نَبَّهْتَهُ المُتَوَرَّدِ‏.‏

وتقديره‏:‏ كذئب الغضى المتورِّد نبَّهته‏.‏

وكما قال ذو الرُّمَّة‏:‏

كأن أصواتَ من إيغالهنَّ بنا *** أواخر المَيسِ إنقاضُ الفَراريجِ‏.‏

وتقديره‏:‏ كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا إنقاض الفراريج‏.‏

وكما قال أبو الطَّيب المتنبي‏:‏

حملت إليه من لساني حديقةً *** سقاها الحِجا سَقيَ الرِّياضِ السَّحائبِ‏.‏

وتقديره‏:‏ سَقي السّحائب الرِّياض‏.‏

3- فصل في إضافة الاسم إلى الفعل

- هي من سنن العرب، تقول‏:‏ هذا عامٌ يُغَاثُ الناس وهذا يومُ يَدخُل الأمير، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ربِّ فأَنظِرْني إلى يَومِ يُبعَثون‏}‏‏.‏ وقال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏هذا يَومُ لا يَنطِقون‏}‏‏.‏ وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنَّ المريض لَيَخْرُجُ من مَرَضهِ كَيَمِ وَلَدَتهُ أمُّهُ‏)‏‏.‏

4- فصل في الكناية عما لم يجر ذكره من قبل

- العرب تقدم عليها توسعا واقتدارا واختصارا، ثقة بفهم المُخَاطَب، كما قال عزّض ذكره‏:‏ ‏{‏كُلُّ من عليها فانٍ‏}‏ أي من على الأرض وكما قال‏:‏ ‏{‏حتى توارت بالحجاب‏}‏ يعني الشمس، وكما قال عزَّ وجل‏:‏ ‏{‏كلّا إذا بَلَغَتِ التَّراقيَ‏}‏ يعني الروح، فكنى عن الأرض والشمس والروح، من غير أن أجري ذكرها‏.‏

وقال حاتم الطائي‏:‏

أماويَّ ما يُغْني الثَّراءُ عن الفَتى *** إذا حشرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصَّدرُ‏.‏

يعني‏:‏ إذا حشرجت النفس، وقال دِعبِل‏:‏

إن كان إبراهيم مضْطَلِعاً بها *** فَلَتَصْلُحَنْ من بَعده لِمُخارِقِ‏.‏

يعني‏:‏ الخلافة، ولم يسمها فيما قبل‏.‏ وقال عبد الله بن المعتز‏:‏

وَنَدمان دعوتُ فَهَبَّ نَحوي *** وسلسَلها كما انخَرَطَ العَقيقُ‏.‏

يعني‏:‏ وسلسل الخمر، ولم يجر ذكرها‏.‏

5- فصل في الاختصاص بعد العموم

- العرب تفعل ذلك، فتذكر الشيء على العموم، ثم تخصّ منه الأفضل فالأفضل، فتقول‏:‏ جاء القوم والرئيس والقاضي‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏حافِظوا على الصلوات والصلاة الوسطى‏}‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فيهما فاكِهَةٌ ونَخلٌ ورُمَّان‏}‏‏.‏ وإنما أفرد الله الصلاة الوسطى من الصلاة وهي داخلة في جملتها، وأفرد التمر والرمان من جملة الفاكهة، وهما منها للاختصاص والتَّفضيل، كما أفرد جبريل وميكائيل من الملائكة فقال‏:‏ ‏{‏من كان عدواً للهِ وملائِكتهِ ورُسُله وجبريلَ وميكالَ‏}‏‏.‏

6- فصل في ضدّ ذلك

- قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً منَ المَثاني والقرآنَ العَظيمَ‏}‏، فخصّ السبع، ثم أتى بالقرآن العام بعد ذكره إياه‏.‏

7- فصل في المكان والمراد به مَنْ فيه

- العرب تفعل ذلك، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏واسأَل القَرْيَةَ التي كنَّا فيها‏}‏، أي أهلها، وكما قال جلَّ جلاله‏:‏ ‏{‏وإلى مَديَنَ أخاهم شُعيباً‏}‏ أي أهل مديَن، وكما قال حُمَيدُ بن ثَور‏:‏

قَصائِدُ تَستَحْلي الرُواةُ نَشيدَها *** ويَلهو بها من لاعِبِ الحَيِّ سامِرُ‏.‏

يَعَضُّ عليها الشيخُ إبهامَ كَفِّهِ *** وتُجزى بها أحياؤُكم والمقابرُ‏.‏

أي أهل المقابر‏.‏

والعرب تقول‏:‏ أكلتُ قِدراً طيبة‏.‏ أي أكلت ما فيها‏.‏ وكذلك قول الخاصّة‏:‏ شَرِبت كأساً‏.‏

8- فصل في فيما ظاهره أمر وباطنه زجر

- هو من سنن العرب، تقول العرب‏:‏ إذا لم تَستَحِ فافعل ما شِئتَ‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏افعَلوا ما شِئتُم‏}‏، وقال جلّ وعلا‏:‏ ‏{‏ومن شاء فَلِيَكفُر‏}‏‏.‏

9- فصل في الحمل على اللفظ والمعنى للمجاورة

- العرب تفعل ذلك، فتقول‏:‏ هذا حُجْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ‏.‏ والخرب نعت الحُجر لا نعت الضبِّ ولكن الجوار عمل عليه، كما قال امرؤ القيس‏:‏

كأن ثبيراً في عَرانين وَبلِهِ *** كبيرُ أناسٍ في بِجاد مُزَمَّلِ‏.‏

فالمُزَمَّل‏:‏ نعت الشيخ لا نعت البِجاد، وحقه الرفع ولكن خفضه للجوار، وكما قال آخر‏:‏

يا ليت شَيْخَكِ قد غَدا *** مُتَقلِّدا سَيفا ورُمحا‏.‏

والرُمح لا يُتَقَلَّد، وإنما قال ذلك لمجاورته السيف‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏فأَجْمِعوا أمْرَكُم وشُرَكاءَكُم‏}‏ لا يقال‏:‏ أجْمَعت الشُركاء وإنما يقال‏:‏ جَمَعت شركائي، وأجمَعتُ أمري وإنما قال ذلك للمجاورة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ارجِعْنَ مأزورات غيرَ مَأجورات» وأصلها مَوزورات من الوزر ولكن أجراها مجرى المَأجورات للمجاورة بينهما، وكقوله‏:‏ بالغدايا والعشايا، ولا يقال‏:‏ الغدايا إذا أفردت عن العشايا لأنها الغدوات، والعامة تقول‏:‏ جاء البرد والأكسية، والأكسية لا تجيء ولكن للجوار حقٌ في الكلام‏.‏

10- فصل يناسبه ويقاربه

- العرب تسمي الشيء باسم غيره، إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب، كتسميتهم المطر بالسماء لأنه منها ينزل، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏يُرْسِلِ السَّماءَ عليكُم مِدْرَارا‏}‏، أي المطر وكما قال جلَّ اسمه‏:‏ ‏{‏إني أراني أعصِرُ خَمرا‏}‏ أي عنبا، ولا خفاء بمناسبتها، وكما يقال‏:‏ عفيف الإزار، أي عفيف الفرج، في أمثال له كثيرة‏.‏

ومن سنن العرب وصف الشيء بما يقع فيه أو يكون منه كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏في يومٍ عاصِفٍ‏}‏ أي يوم عاصف الريح، وكما تقول‏:‏ ليل نائم، أي نام فيه وليل ساهر، أي يُسهر فيه‏.‏

11- فصل في إجراء ما لا يعقل ولا يفهم من الحيوان مُجرى بني آدم

- ذلك من سنن العرب، كما تقول‏:‏ أكلوني البراغيث، وكما قال عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏يا أيُها النَّملُ ادخُلوا مَساكِنَكُمْ لا يُحَطِمَنَّكُمْ سُلَيمان وجُنودُهُ‏}‏، وكما قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏والله خَلَقَ كلَّ دابَّةٍ من ماء فَمِنهُم من يَمْشي على بَطنِهِ ومنهم من يَمشي على رِجلين ومنهم من يَمشي على أرْبَع‏}‏، ويقال‏:‏ إنه قال ذلك تغليبا لمن يمشي على رجلين وهم بنو آدم‏.‏

ومن سنن العرب تغليب ما يعقل كما يُغَلَّب المذكّر على المؤنَّث إذا اجتمعا‏.‏

12- فصل في الرجوع من المخاطبة إلى الكناية، ومن الكناية إلى المخاطبة

- العرب تفعل ذلك كما قال النابغة‏:‏

يا دارَ مَيَّة بالعلياذِ فالسَّنّدِ *** أقْوَتْ وطال عليها سالِفُ الأمَدِ‏.‏

فقال‏:‏ يا دار ميَّة، ثم قال‏:‏ أقْوَتْ، وكما قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏حتى إذا كنتم في الفُلكِ وجَرَينَ بهم بِريحٍ طَيّبَةٍ‏}‏، فقال‏:‏ كنتم في الفلك، ثم قال‏:‏ بهم، وكما قال‏:‏ ‏{‏الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ الرَّحمنِ الرَّحيمِ مالكِ يَومِ الدِّينِ إياكَ نَعبُدُ وإياكَ نَستَعينُ‏}‏، فرجع من الكناية إلى المخاطبة، كما رجع في الآية المُتقدمة من المخاطبة‏.‏

13- فصل في الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية دون الآخر والمراد به كلامهما معا

- من سنن العرب أن تقول‏:‏ رأيت عمراً وزيداً وسلّمت عليه، أي عليهما‏.‏ قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏والذين يُكْنِزونَ الذَّهَبَ والفِضَةَ ولا يُنْفِقونَها في سبيل الله‏}‏، وتقدير الكلام‏:‏ ولا ينفقونهما في سبيل الله، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا رَأَوا تِجارَةً أو لهواً انْفَضُوا إليها‏}‏، وتقديره‏:‏ انفضوا إليهما‏.‏ وقال جلّ جلاله‏:‏ ‏{‏والله ورسوله أحَقُّ أن يُرضوهُ‏}‏، والمراد‏:‏ أن يرضوهما‏.‏

14- فصل في جمع شيئين من اثنين

- من سنن العرب إذا ذكَرَتِ اثنين أن تُجريهما مجرى الجمع، كما تقول عند ذكر العُمَرَين والحَسَنين‏:‏ كَرَّمَ الله وجوههما، وكما قال عزّ ذكره‏:‏ ‏{‏إن تتوبا إلى الله فقد صَغَتْ قُلوبَكُما‏}‏، ولم يقل‏:‏ قلباكما، وكما قال عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏والسَّارقُ والسَّارِقَةُ فاقْطَعوا أيْدِيَهُما‏}‏، ولم يقل يديهما‏.‏

15- فصل في جمع الفعل عند تقدمه على الإسم

- رُبما تفعل العرب ذلك، لأنه الأصل فتقول‏:‏ جاءوني بنو فلان، وأكلوني البراغيث، وقال الشاعر‏:‏

رأَينَ الغَواني الشَّيبَ لاحَ بِعارِضي *** فَأعرَضنَ عَنِّي بالخدود النَّواضِرِ‏.‏

وقال آخر‏:‏

نُتِجَ الرَّبيع مَحاسِناً *** ألقَحْنَها غُرُّ السَّحائِبْ‏.‏

وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وأسَرُّوا النَّجوى الّذين ظَلَموا‏}‏، وقال جلّ ذكره‏:‏ ‏{‏ثمّ عَموا وصَمُّوا كَثيرٌ منهم‏}‏‏.‏

16- فصل في إقامة الواحد مُقام الجمع

- هي من سنن العرب إذ تقول‏:‏ قَرَرْنا به عيناً، أي أعيننا‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏فإن طِبْنَ لكُم عن شيءٍ منهُ نَفْساً‏}‏، وقال جلّ ذكره‏:‏ ‏{‏ثمَّ يُخْرِجُكُم طِفْلا‏}‏ أي أطفالا، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وكم من مَلَكٍ في السَّمواتِ لا تُغني شَفاعَتُهم شيئاً‏}‏، وتقديره‏:‏ وكم من ملائكة في السموات، وقال عزّ من قائل‏:‏ ‏{‏فَإنَّهُم عدوٌ لي إلا رَبَّ العالَمين‏}‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏هؤلاء ضَيفي‏}‏، ولم يقل‏:‏ أعدائي ولا أضيافي‏.‏ وقال جلّ جلاله‏:‏ ‏{‏لا نُفَرِّقُ بينَ أحَدٍ منهم‏}‏، والتفريق لا يكون إلا بين اثنين، والتقدير‏:‏ لا نُفَرِّق بينهم، وقال‏:‏ ‏{‏يا أيُها النَّبيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساء‏}‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وإنْ كُنْتُم جُنُباً فاطَّهَروا‏}‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏والمَلائكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِير‏}‏‏.‏

ومن هذا الباب سنة العرب أن يقولوا للرجل العظيم والملك الكبير‏:‏ انظروا من أمري، ولأنّ السادة والملوك يقولون‏:‏ نحن فعلنا وإنّا أمَرنا، فعلى قضيَّهذا الإبتداء يخاطِبون في الجواب، كما قال تعالى عمّن حضَرَه الموت‏:‏ ‏{‏رَبِّ ارْجِعون‏}‏‏.‏

17- فصل في الجمع يراد به الواحد

- من سنن العرب الإتيان بذلك، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ما كان للمُشْرِكينَ أنْ يَعمُروا مَساجِدَ اللهِ‏}‏، وإنما أراد المسجد الحرام، وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وإذ قَتَلْتُمْ نَفْساً فادَّارَأْتُمْ فيها‏}‏، وكان القاتل واحدا‏.‏

18- فصل في أمر الواحد بلفظ أمر اثنين

- تقول العرب‏:‏ افعلا كذا، والمخاطب واحد، كما قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ألْقِيا في جَهَنَّمَ كلَّ كَفارٍ عنيد‏}‏ وهو خطاب لمالك خازن النار‏.‏ وكما قال الأعشى‏:‏

وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحى *** ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ واللهَ فاعْبُدا‏.‏

ويقال‏:‏ إنه أراد والله فاعبُدَنّ، فقلب النون الخفيفة ألفا‏.‏ وكذلك في قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ألقيا في جَهَنَّمَ‏}‏‏.‏

19- فصل في الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو مستقبل وبلفظ المستقبل وهو ماض

- قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أتى أمرُ اللهِ‏}‏‏:‏ أي يأتي‏.‏ وقال جل ذكره‏:‏ ‏{‏فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى‏}‏، أي لم يصدّق ولم يصلّ‏.‏ وقال عزّ مِن قائل في ذكر الماضي بلفظ المستقبل‏:‏ ‏{‏فَلِمَ تَقتُلون أنْبياءَ اللهِ من قَبلُ‏}‏ أي لِمَ قَتَلتُم‏؟‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏واتَّبَعوا ما تَتْلوا الشَّياطينُ‏}‏، أي ما تلت‏.‏ وقد تأتي كان بلفظ الماضي ومعنى المستقبل، كما قال الشاعر‏:‏

فَأدْرَكْتُ مَنْ كانَ قَبلي ولَم أدَع *** لِمن كان بَعدي في القَصائد مَصْنَعا‏.‏

أي لمن يكون بعدي‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وكان اللهُ غَفوراً رَحيماً‏}‏ أي كان ويكون وهو كائن الآن جلّ ثناؤه‏.‏

20- فصل في المفعول يأتي بلفظ الفاعل

- تقول العرب‏:‏ سرٌّ كاتِم، أي مكتوم‏.‏ ومكان عامرٌ أي معمور‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏لا عاصِمَ اليوم مِنْ أمرِ الله‏}‏ أي لا مَعصوم‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏خُلِقَ من ماءٍ دافِقٍ‏}‏، أي مدفوق‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏عيشِةٍ راضيَة‏}‏، أي مَرضيَّة‏.‏ وقال الله سبحانه‏:‏ ‏{‏حَرَما آمِناً‏}‏ أي مأمونا‏.‏ وقال جرير‏:‏

إنَّ البَليَّة مَنْ تَمَلُّ كلامهُ *** فانقَع فُؤادكَ مِنْ حَديثِ الوامِقِ‏.‏

21- فصل في الفاعل يأتي بلفظ المفعول

- كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّهُ كان وَعْدُهُ مأتِيّا‏}‏ أي آتيا، وكما قال جلَّ جلاله‏:‏ ‏{‏حجابا مستورا‏}‏ أي ساتراً‏.‏

22- فصل في إجراء الإثنين مُجرى الجمع

- قال الشّعبي، في كلام له في مجلس عبد الملك بن مروان‏:‏ رجلان جاءوني، فقال عبد الملك‏:‏ لَحَنت يا شعبيّ، قال‏:‏ يا أمير المؤمنين، لم ألْحَن، مع قول الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏هذان خَصمان اخْتَصَمُوا في ربهم‏}‏‏.‏ فقال عبد الملك‏:‏ لله درُكَ يا فقيهَ العراقين، قد شفيت وكفيت‏.‏

23- فصل في إقامة الإسم والمصدر مقام الفاعل والمفعول

- تقول العرب‏:‏ رجل عَدْل‏:‏ أي عادل، ورِضاً‏:‏ أي مَرْضِي، وبنو فلان لنا سَلْم‏:‏ أي مسالمون، وحَرْب‏:‏ أي محاربون‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ولكنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ‏}‏، وتقديره‏:‏ ولكن البِرَّ بِرُّ من آمنَ بالله، فأضمر ذكر البر وحذفه‏.‏

24- فصل في تذكير المؤنث وتأنيث المذكَّر في الجمع

- هو من سنن العرب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقال نِسْوَةٌ في المدينة‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏قالت الأعرابُ آمَنَّا‏}‏‏.‏

25- فصل في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر

- من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ، وحمله على معناه، كما يقولون‏:‏ ثلاثةُ أنفس، والنفس مؤنثة، وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشّخص‏.‏ قال الشاعر‏:‏

ما عندنا إلا ثلاثة أنفسِ *** مِثلُ النُّجومِ تلألأتُ في الحِندِسِ‏.‏

وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة‏:‏

فكان مِجَنِّي دون ما كنتُ أتَّقي *** ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعْصِرُ‏.‏

فحمل ذلك على أنهن نساء‏.‏ وقال الأعشى‏:‏

لِقومٍ وكانوا هُمُ المُنْفِدِينَ *** شَرَبَهُمُ قَبْلَ تَنْفادِها‏.‏

فأنَّث الشراب لما كان الخمر المعني، وهي مؤنثة، كما ذكر الكفّ وهي مؤنثة في قوله‏:‏

أرى رجلا منهم أسيفاً كأنَّما *** يَضُمُّ إلى كَشْحيه كفَّاً مُخَضَّبا‏.‏

فحمل الكلام على العضو وهو مذكر‏.‏ وكما قال الآخر‏:‏

يا أيها الرَّاكب المُزجي مَطِّيته *** سائلْبني أسدٍ ما هذهِ الصَّوتُ‏.‏

أي ما هذه الجَلَبة‏.‏ وقال آخر‏:‏

مِنَ النَّاسِ إنسانان دَيْنِي عَليهما *** مَليئان لو شَاءَا لقد قَضَياني‏.‏

خليلَيَّ أمّا أمُّ عَمروٍ فَواحِدٌ *** وأمَّا عنِ الثاني فلا تَسلاني‏.‏

فحمل المعنى على الإنسان أو على السخص‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيراً‏}‏، والسَّعير مذكر، ثمَّ قال‏:‏ ‏{‏إذا رَأتهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ‏}‏، فحمله على النار فأنثه، وقال عزَّ اسمه‏:‏ ‏{‏فأحْيَينا بهِ بَلْدَةً ميتاً‏}‏ ولم يقل ميتة لأنه حمله على المكان‏.‏ وقال جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏السَّماء مُنْفَطِرٌ بِه‏}‏ فذكر السّماء وهي مؤنثة لأنه حمل الكلام على السقف وكل ما علاك وأظلك فهو سماء، والله أعلم‏.‏

26- فصل في حفظ التوازن

- العرب تزيد وتحذف حفظا للتوازن وإيثاراً له، أما الزيادة فكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وتَظُنُّونَ باللهِ الظُّنونا‏}‏، وكما قال‏:‏ ‏{‏فأَضَلُّونا السَّبيلا‏}‏‏.‏

وأمَّا الحذف فكما قال جلَّ اسمه‏:‏ ‏{‏والليل إذا يَسرِ‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏الكبيرُ المُتعالِ‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏يومَ التَّنادِ‏}‏ و‏{‏يومَ التَّلاقِ‏}‏‏.‏ وكما قال لبيد‏:‏

إنَّ تَقوى رَبِّنا خيرُ نَفَلْ *** وبإذنِ اللهِ رَبيْ وَعَجَلْ‏.‏

أي وعجلي، وكما قال الأعشى‏:‏

ومن شانئ كاسِفٍ وَجهُهُ *** إذا ما انتسَبتُ لهُ أنْكَرَنْ‏.‏

أي أنكرني‏.‏

27- فصل في مخاطبة اثنين ثم النص على أحدهما دون الآخر

- العرب تقول‏:‏ ما فعلتما يا فلان، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏فمن رَبُّكُمَا يا مُوسَى‏}‏‏.‏ وفيه‏:‏ ‏{‏فلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى‏}‏، خاطب آدم وحواء، ثم نصَّ في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء‏.‏

28- فصل في إضافة الشيء إلى صفته

- هي من سنن العرب، إذ تقول‏:‏ صلاة الأولى، ومسجد الجامع، وكتاب الكامل، وحمَّاد عَجْرَدٍ، ويوم الجمعة، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ولَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ‏}‏، وكما قال عزَّ ذِكره في مكان آخر‏:‏ ‏{‏قُلْ إنْ كانت لكمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّ هذا لَهوَ حَقُّ اليَقينِ‏}‏‏.‏

فأما إضافة الشيء إلى جنسه فكقولهم‏:‏ خاتم فضة، وثوب حرير، وخبز شعير‏.‏

29- فصل في المدح يراد به الذَّم، فيجري مجرى التَّهَكم والهَزْل

- العرب تفعل ذلك، فتقول للرجل تستجهله‏:‏ يا عاقل، وللمرأة تستقبحها‏:‏ يا قمر‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ذُقْ إنَّكَ أنتَ العزيزُ الكَريمُ‏}‏‏.‏ وقال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏إنَّكَ لأنتَ الحَليمُ الرَّشيدُ‏}‏‏.‏

30- فصل في إلغاء خبر ‏(‏لو‏)‏ اكتفاء بما يدل عليه الكلام وثقة بفهم المخاطَب

- ذلك من سنن العرب كقول الشاعر‏:‏

وَجَدِّكَ لَوْ شَيءٌ أتانا رَسولُهُ *** سِواكَ ولكن لم نَجِد لَكَ مَدْفَعا‏.‏

والمعنى‏:‏ لو أتانا رسول سِواك لدفعناه‏.‏ وفي القرآن حكاية لوط، قال‏:‏ ‏{‏لو أنَّ لي بِكُم قُوَّةً أو آوي إلى رُكنٍ شَديدٍ‏}‏‏.‏ وفي ضمنه‏:‏ لكنتُ أكُفُّ أذاكُم عَنِّي‏.‏

ومثله‏:‏ ‏{‏ولو أنَّ قُرآنا سُيِّرَت بِهِ الجِبالُ أو قُطِّعَت بِهِ الأرضُ أو كُلِّمَ بِهِ الموتى بَل للهِ الأمْرُ جَميعاً‏}‏‏.‏ والخبر عنه مُضْمَر كأنه قال‏:‏ لكان هذا القرآن‏.‏

31- فصل فيما يذكَّر ويؤنَّث

- وقد نطق القرآن باللغتين‏:‏ من ذلك السَّبيل، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإنْ يَرَوا سبيلَ الرُّشدِ لا يَتَّخِذوه سبيلاً‏}‏ وقال جلّ ذكره‏:‏ ‏{‏هذه سبيلي أدعوا إلى اللهِ على بَصيرةٍ‏}‏‏.‏ ومن ذلك الطاغوت، قال تعالى في تذكيره‏:‏ ‏{‏يريدون أن يتحاكَمُوا إلى الطَّاغوتِ وَقَد أمِروا أن يَكْفروا بِه‏}‏‏.‏ وفي تأنيثها‏:‏ ‏{‏والذين اجتَنَبوا الطَّاغوتَ أن يَعبُدوها‏}‏‏.‏

32- فصل فيما يقع على الواحد والجمع

- من ذلك الفُلك، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏في الفُلكِ المَشحونِ‏}‏ فلما جمعه قال‏:‏ ‏{‏والفُلكِ التي تَجري في البَحرِ‏}‏‏.‏ ومن ذلك قولهم‏:‏ رَجُل جُنُبٌ ورِجال جُنُبٌ، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وإن كنتم جُنُبا فاطَّهَروا‏}‏‏.‏ ومن ذلك العدو‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فإنهُمْ عَدُوٌ لي إلا رَبَّ العالمين‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏وإن كانَ مِن قومٍ عَدوٍ لَكُم وهوَ مُؤمِنٌ‏}‏‏.‏ ومن ذلك الضيف‏:‏ قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏هؤلاء ضَيْفِي فَلا تَفْضَحونِ‏}‏‏.‏

33- فصل في جمع الجمع

- العرب تقول‏:‏ أعراب وأعاريب، وأَعطِية وأَعطِيات، وأَسقية وأسقيات، وطُرُق وطُرُقات، وجمال وجمالات، وأَسوِرة وأساور، قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏إنها ترمي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كَأنَّهُ جِمالاتٌ صُفْرٌ ويلٌ يومئذٍ للمُكَذِّبين‏}‏ وقال عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏يُحَلَّونَ فيها مِنْ أساوِرَ مِن ذَهّبٍ‏}‏‏.‏

وليس كل جمع يجمع كما لا يجمع كل مصدر‏.‏

34- فصل في الخطاب الشامل للذكران والإناث وما يَفْرِق بينهم

- قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتَّقوا الله‏}‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وأقيموا الصلاة وآتُوا الزَّكاة‏}‏ فعمَّ بهذا الخطاب الرجال والنساء وغلَّب الرجال، وتغليبهم من سنن العرب‏.‏

وكان ثعلب يقول العرب تقول‏:‏ امرُؤٌ وامرأانِ وقوم، وامرأةٌ وامرأتان ونِسوة، لا يقال للنساء قوم، وإنما سمِّي الرجال دون النساء قوماً لأنهم يقومون في الأمور، كما قال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏الرِّجال قوَّامونَ على النساءِ‏}‏ يقال‏:‏ قائم وقوم، كما يقال زائر وَزَور، وصائم وصوم، ومما يدل على أنَّ القوم رجال دون النساء قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا يَسخَر قَومٌ مِن قَومٍ عَسَى أن يَكونوا خَيراً مِنْهُم ولا نِساءٌ مَن نِساءٍ عَسَى أن يَكُنَّ خَيراً مِنْهُنَّ‏}‏‏.‏ وقول زهير‏:‏

وما أدري وسَوف إخالُ أدري *** أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نِساءُ‏.‏

35- فصل في الإخبار عن الجملتين بلفظ الإثنين

- العرب تفعله، كما قال الأسود بن يَعفُر‏:‏

إنَّ المنايا والحُتوفَ كِليهِما *** في كلِّ يوم ترقُبانِ سَوادي‏.‏

وقال آخر‏:‏

ألم يُحزِنكِ أن حِبالَ قَيس *** وتَغلِبَ قَد تَبايَنَتا انقِطاعا‏.‏

وقد جاء مثله في القرآن قال الله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏أَوَلَم يرَ الذينَ كَفَروا أنَّ السَّموات والأرضَ كانتا رَتْقاً فَفَتَقْناهما‏}‏‏.‏

36- فصل في نفي الشيء جملة من أجل عدم كمال صفته

- العرب تفعل ذلك، كما قال الله عزَّ وجلَّ في صفة أهل النار‏:‏ ‏{‏ثمَّ لا يموت فيها ولا يَحْيا‏}‏‏.‏ فنفى عنه الموت لأنه ليس بموت صريح، ونفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة، وهذا كثير في كلام العرب‏.‏ قال أبو النَّجم‏:‏

يُلقينَ بالخَبار والأجارِعِ *** كلَّ جَهيضٍ ليِّنِ الأكارِعِ‏.‏

ليسَ بِمَحْفُوظٍ ولا بِضائِعِ ***

يعني أنه ليس بمحفوظ لأنه ألقِيَ في صَحراء ولا بضائع لأنه موجود في ذلك المكان‏.‏ ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وتَرى النَّاس سُكارى وما هُم بِسُكارى‏}‏ أي ماهم بسكارى من شُرب ولكن سكارى من فزع ووله‏.‏

37- فصل يقاربه ويشتمل على نفي في ضمنه إثبات

- تقول العرب‏:‏ ليس بحلو ولا حامض، يريدون أنه جمع ذا وذا، كما قال الشاعر‏:‏

أبو فَضَالة لا رسمٌ ولا طَللُ *** مِثْلُ النَّعامةِ لا طَيرٌ ولا جَمَلُ‏.‏

وقال آخر‏:‏

مَسيخٌ مَليخٌ كلَحْمِ الحُوارِ *** فلا أنت حُلوٌ ولا أنت مُرُّ‏.‏

وفي القرآن‏:‏ ‏{‏لا شَرْقِّيةٍ ولا غَربيَّةٍ‏}‏ يعني أنَّ الزيتونة شرقيَّة وغربيَّة‏.‏ وفي أمثال العامّة‏:‏ ‏(‏فلان كالخنثى، لا ذكر ولا أنثى‏)‏‏:‏ أي يجمع صفات الذَّكران والإناث معا‏.‏

38- فصل في اللازم بالألف يجيء من لفظه متعد بغير ألف

- ألف التعدية، وربما تكون للشيء نفسه ويكون الفاعل به ذلك بلا ألف، كقولهم‏:‏ أَقْشَعَ الغَيمُ، وقشَعَتْهُ الريح، وأنزفت البئر‏:‏ ذهب ماؤها ونزفناها نحن‏.‏ وأنسل ريش الطائر، ونَسَلتُهُ أنا‏.‏ وأكبَّ فلان على وجهه وكببته أنا‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏أفمن يمشي مُكِبّاً على وجْهِهِ أهدى‏}‏‏.‏ وقال عزَّ اسمه‏:‏ ‏{‏فَكُبَّتْ وُجوهُهُمْ في النار‏}‏‏.‏

39- فصل مجمل في الحذف والاختصار

- من سنن العرب‏:‏ أن تحذف الألف من ‏(‏ما‏)‏ إذا استَفْهَمَتْ بها فتقول‏:‏ بِمَ‏؟‏ ولِمَ‏؟‏ ومِمَّ‏؟‏ وعلامَ‏؟‏ وفيمَ‏؟‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فيمَ أنت مِن ذِكراها‏}‏ وكما قال عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏عمَّ يتساءلون عنِ النَّبأ العَظيم‏}‏‏:‏ أي عن ما‏؟‏ فأدغم النون في الميم‏.‏ ومن الحذف للاختصار قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏يعلم السِّرَ وأخْفى‏}‏، أي السر وأخفى منه، فحذف وقوله‏:‏ ‏{‏وما أمرُنا إلا واحِدَةٌ‏}‏، أي أمرة واحدة، أو مرَّة واحدة‏.‏ ومن الحذف قوله‏:‏ لم أُبَلْ‏.‏ ولم أُبالِ‏.‏ وقولهم‏:‏ لم أكُ ولم أكُنْ‏.‏ وفي كتاب الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ولم تَكُ شيئا‏}‏‏.‏

ومن ذلك ما تقدَّم ذكره من قوله جل جلاله‏:‏ ‏{‏كلا إذا بلَغَتِ التَراقي‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏حتى تَوارَت بالحِجاب‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏كلُّ منْ عَليها فانٍ‏}‏ فحذف النَّفس والشمس والأرض إيجازا واقتصارا‏.‏ ومن ذلك حذف حرف النداء، كقولهم‏:‏ زيدُ تعال‏.‏ وعمرو اذهب، أي يا زيد ويا عمرو‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏يوسف أعْرِضْ عن هذا‏}‏ أي يا يوسف‏.‏ ومن ذلك حذف أواخر الأسماء المفردة المعرفة في النداء دون غيره، كقولهم‏:‏ يا حارُِ يا مالُِ ويا صاحُِ، أي يا حارث ويا مالك ويا صاحبي، ويقال لهذا الحذف‏:‏ الترخيم وفي بعض القراءات الشاذَّة‏:‏ ‏"‏ونادوا يا مالُ‏"‏‏.‏ وقال امرؤ القيس‏:‏

أفاطِمُ مَهلاً بَعْضَ هذا التَّدللِ ***

وقال عمرو بن العاص‏:‏

مُعاويَ لا أعطيكَ ديني ولمْ أنلْ *** بهِ مِنكَ دُنيا فانظُرَنْ كيفَ تَصنَعُ‏.‏

ومن ذلك قولهم‏:‏ باللهِ، أي أحلِفُ باللهِ فحذَفوا ‏(‏أحلف‏)‏ للعلم به، والاستغناء عن ذِكره، وقولهم‏:‏ باسم الله، أي أبتَدِئُ باسم الله‏.‏

ومن ذلك حذف الألف منه لكثرة الاستعمال، ومن ذلك ما تقدَّمَ ذكره في حفظ التوازن، كقوله عزّ ذِكره‏:‏ ‏{‏والليلِ إذا يَسرِ‏}‏ و‏{‏الكبيرُ المُتعالِ‏}‏ و‏{‏يومَ التَّلاقِ‏}‏‏.‏

ومن ذلك حذف التنوين من قولك‏:‏ محمدُ بنُ جَعفر، وزيد بنُ عمرو‏.‏

وحذف نون التثنية عند النفي كقولك‏:‏ لا غلامَىْ لك، ولا يدىْ لزيد، وقميص لا كمَّىْ له‏.‏ ومن ذلك حذف نون الجمع عند الإضافة، في قولك‏:‏ هؤلاء ساكنوا مسكة، ومسلمو القوم‏.‏ ومن الحذف قوله عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏وكذلك مكنَّا لِيوسُفَ في الأرضِ ولِنُعَلِّمَهُ من تأويلِ الأحاديثِ‏}‏ وتقديره‏:‏ ولِنُعَلِّمه فَعَلْنا ذلك‏.‏ ومن الحذف قولهم‏:‏ صلّيت الظُهرَ، أي صلاة الظهر، وكذلك سلئر الصلوات الأربع‏.‏

40- فصل مجمل في الإضمار يناسب ما تقدم من الحذف

- من سنن العرب الإضمار، إيثارا للتخفيف وثقة بفهم المُخاطب، فمن ذلك إضمار ‏(‏أنَّ‏)‏ وحذفها من مكانها، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن آياتهِ يُريكُمُ البَرْقَ خوفاً وطَمَعاً‏}‏‏:‏ أي أن يريكم البرق، وقال طَرَفة‏:‏

ألا أيُّهذا الزجري أحضُرَ الوَغى *** وأن أشْهَدَ اللذاتِ هل أنتَ مُخلِدي‏.‏

فأضمرَ ‏(‏أنَّ‏)‏ أولا ثمَّ أظهرها ثانيا في بيت واحد، وتقديره‏:‏ ألا أيهذا الزاجري أن أحضُرَ الوغى‏.‏ وفي ذلك يقول بعض أدباء الشعراء‏:‏

تَفَكَّرت في النَّحوِ حتى مَلِلْتْ *** وأَتْعَبْتُ نَفْسي لَهُ والبَدَنْ‏.‏

فَكنت بِظاهِرِهِ عالماً *** وكنت بباطنه ذا فِطَنْ‏.‏

خلا أنَّ باباً عليهِ العَفا *** ءُ في النَّحوِ يا ليتهُ لمْ يَكُنْ‏.‏

إذا قُلتُ لِمْ قيلَ لي هكذا *** على النَّصبِ قيلَ بإضمارِ أنْ‏.‏

ومن ذلك إضمار ‏(‏مَنْ‏)‏ كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وما مِنَّا إلا لَهُ مَقامٌ مَعلوم‏}‏ أي إلا من له‏.‏

ومن ذلك إضمار ‏(‏مِنْ‏)‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏واختار موسى قَومَهُ سَبعينَ رَجُلا لِميقاتِنا‏}‏ أي من قومه‏.‏

ومن ذلك إضمار ‏(‏إلى‏)‏ كما قال جلَّ جلاله‏:‏ ‏{‏سَنُعيدُها سيرَتها الأولى‏}‏ أي إلى سيرتها الأولى‏.‏

ومن ذلك إضمار الفعل، كما قال الله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏فقلنا اضرِبوهُ ببَعضِها كذلكَ يُحيي الله الموتى‏}‏، وتقديره‏:‏ فضُرِبَ فيُحيي، كذلك يُحيي الله الموتى‏.‏ ومثله‏:‏ ‏{‏وإذ استَسقى موسى لِقومه فقلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَ فانفَجَرَت مِنهُ اثنتا عَشَرَةَ عيناً‏}‏ وتقديره‏:‏ فضرب فانفَجَرَت‏.‏ ومثله‏:‏ ‏{‏فمن كان مريضاً أو بِهِ أذىً مِنْ رأسِهِ فَفِديَةٌ مِنْ صيامٍ أو صَدَقةٍ أو نُسُكٍ‏}‏ وتقديره‏:‏ فَحَلَقَ، ففديَة‏.‏

ومن ذلك إضمار ‏(‏القول‏)‏ كما قال سبحانه‏:‏ ‏{‏وأما الذين اسوَدَّت وُجوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ‏}‏ في ضمنه ‏(‏قيقال لهم‏:‏ أكفرتم‏)‏، لأن ‏(‏أمَّا‏)‏ لا بدَّ لها في الخبر من فاء، فلمّا أضمر القول أضمر الفاء، ومثله‏:‏ ‏{‏وتَتَلَقَّاهُمُ الملائِكَةُ هذا يَوْمُكُمْ‏}‏‏.‏ أي يقولون‏:‏ هذا يومكم‏.‏ وقال الشنفرى‏:‏

فلا تدفنوني إنَّ دَفني مُحَرَّمٌ *** عليكُمْ ولكنْ خامري أمَّ عامِرِ‏.‏

41- فصل مجمل في الزوائد والصلات التي هي من سنن العرب

- منها‏:‏ الباء الزائدة كما تقول‏:‏ أخَذتُ بزمام النَّاقة‏.‏ وقال الشاعِر الراعي‏:‏

سودُ المَحاجِرِ لا يَقرَأْنَ بالسُّوَرِ ***

أي لا يقرأن السوَر‏.‏ كما قال عنترة‏:‏

شَرِبَتْ بِماء الدُّحْرُضَينِ فأَصْبَحَتْ ***

أي ماء الدحرضين، وفي القرآن حكاية عن هارون‏:‏ ‏{‏لا تأخُذْ بِلِحْيَتي ولا بِرأسي‏}‏‏.‏ وقال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏ألَمْ يَعْلَم بأنَّ اللهَ يَرى‏}‏ فالباء زائدة، والتقدير‏:‏ ألم يعلم أن الله يرى، كما قال جلَّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏ويَعْلَمونَ أنَّ الله هو الحَقُّ المُبينُ‏}‏‏.‏

ومنها التاء الزائدة في‏:‏ ثم ورُبِّ، ولا تقول العرب‏:‏ رُبَّتَ امرَأةٍ، وقال الشاعر‏:‏

وَرُبَّتما شَفَيتُ غَليلَ صَدري ***

وتقول‏:‏ ثُمَّتَ كانت كذا، كما قال عَبْدَةُ بن الطَّيب‏:‏

ثُمَّتَ قُمنا إلى جُردٍ مُسَوَّمَةٍ *** أَعرافُهُنَّ لأيدينا مَناديلُ‏.‏

أي ثُمَّ قمنا‏.‏ وتقول‏:‏ لآت حين كذا، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ولات حينَ مَناص‏}‏ أي لا حين والتاء زائدة وصلة‏:‏ ومنها‏:‏ زيادة ‏(‏لا‏)‏ كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏لا أُقْسِمُ بِيومِ القيامَةِ‏}‏‏:‏ أي أقسم‏.‏ وكقول الحجاج‏:‏

في بئرِ لاحُورٍ سَرَى وما شِعِرْ ***

أي بئر حور‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ لا‏.‏ من حروف الزوائد كتتمة الكلام، والمعنى إنقاؤها، كما قال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏غيرِ المَغْضوبِ عَلَيهِمْ ولا الضَّالِّين‏}‏‏:‏ أي والضالين وكما قال زهير‏:‏

مُوَرِّثُ المَجدِ لا يَغتالُ هِمَّتَهُ *** عنِ الرياسَةِ لا عجَزٌ ولا سَأَمُ‏.‏

أي عجز وسأم وقال الآخر‏:‏

ما كان يَرضى رَسولُ الله دينَهُمُ *** والطَّيِّبان أبو بكرٍ ولا عُمَرُ‏.‏

وقال أبو النَّجم‏:‏

فما ألومُ اليَومَ أنْ لا تَسْخَرا ***

أي أن تسخرا‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ما مَنَعَكَ أنْ لا تَسْجُدَ‏}‏ أي ما منعك أن تسجد‏.‏

ومنها زيادة ‏(‏ما‏)‏ كقوله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏فَبِما رَحمةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ‏}‏ أي فبرحمة من الله، وكقوله‏:‏ ‏{‏فبما نَقْضِهِمْ ميثاقَهُمْ‏}‏ أي فبِنَقْضِهِم ميثاقهم، وكقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وقَليلٌ ما هُمْ‏}‏ أي قليلٌ هم‏.‏ وكقول الشاعر‏:‏

لأمرٍ مَّا تصرَّفَتِ اللَّيالي *** لأمْرٍ مَّا تَصَرَّفَتِ النُّجُومُ‏.‏

أي لأمر تصرفت‏.‏

وقد زادت ‏(‏ما‏)‏ في رُبَّ كقول بعض السَّلف‏:‏ رُبَّما أَعْلَمُ فأَذَرُ‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏رُبَمَا يَوَدُّ الذينَ كَفَروا لو كانوا مُسْلِمينَ‏}‏ ومنها زيادة ‏(‏مِنْ‏)‏ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُها‏}‏ والمعنى‏:‏ وما تسقط ورقةٌ، وكما قال عزَّ ذكره‏:‏ ‏{‏وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ في السَّمواتِ‏}‏ أي وكم ملك، وكما قال جلَّ اسمه‏:‏ ‏{‏وكم من قريةٍ أَهْلَكْناها‏}‏‏.‏

وكما قال عزَّ وجل‏:‏ ‏{‏قُلْ للمؤمنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ‏}‏‏.‏

ومنها زيادة اللام، كما قال عزَّ وجل‏:‏ ‏{‏الَّذينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبونَ‏}‏ أي رَبِّهِم يرهَبون‏.‏ وكما قال تقدَّسَت أسماؤه‏:‏ ‏{‏إنْ كُنْتُمْ لِلرؤيا تَعْبُرون‏}‏ أي إن كنتم الرؤيا تعبرون‏.‏

ومنها‏:‏ زيادة ‏(‏كان‏)‏ كما قال تقدَّست أسماؤه‏:‏ ‏{‏وما علمي بما كانوا يَعْمَلون‏}‏‏:‏ أي بما يعملون‏.‏ وكما قال الشاعر‏:‏

وجِيرانٍ لنا كانوا كِرام ***

ومنها زيادة ‏(‏الاسم‏)‏ كقوله‏:‏ ‏{‏باسمِ اللهِ مَجْراها‏}‏، والمراد‏:‏ بالله، ولكنه امّا أشبه القسم زيد فيه الإسم‏.‏

ومنها زيادة ‏(‏الوجه‏)‏، كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ‏}‏ أي ويبقى رَبُّك‏.‏ ومنها زيادة ‏(‏مثل‏)‏، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إِسْرائيلَ على مِثْلِهِ‏}‏‏:‏ أي عليه، وقال الشاعر‏:‏

يا عاذِلي دَعني مِن عَذلِكا *** مِثلِي لا يَقْبَلُ مِنْ مِثْلِكا‏.‏

أي أنا لا أقبل منك، وقال آخر‏:‏

دَعني مِنَ العُذْرِ في الصَّبوحِ فَما *** تُقْبَلُ مِنْ مِثْلِكَ المَعاذيرُ‏.‏

42- فصل في الألفات

- منها ألف الوصل، وألف القطع، وألف الأمر، وألف الاستفهام، وألف التَّعجب، وألف التثنية، وألف الجمع، وألف التعدية، وألف لام المعرفة، وألف المخبر عن نفسه، في قوله‏:‏ أدخُل واخرُج، وألف الحينونة، كما يقال‏:‏ أَحْصَدَ الزَّرع‏:‏ أي حان أن يُحصَدَ، وأَرْكَبَ المُهْرُ‏:‏ أي حانَ أنْ يُركَبَ‏.‏

وألف الوجدان، كقوله‏:‏ أجبَنْتُهُ‏:‏ أي وجدته جبانا، وأكذَبتُهُ‏:‏ أي وجدته كذابا‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏فإنهم لا يُكَذِّبونَكَ‏}‏‏:‏ أي لا يجدونك كذاباً‏.‏ ومنها ألف الإتيان، كقوله‏:‏ أحسَنَ‏:‏ أي أتى بفعل حسن، وأَقْبَحَ‏:‏ أي أتى بفعل قبيح‏.‏ ومنها ألف التحويل، كقوله‏:‏ ‏{‏لَنَسْفَعاً بالنَّاصية‏}‏ فإنها نون التوكيد حوّلت ألفا‏.‏ ومنها ألف القافية، كقول الشاعر‏:‏

يا رَبعُ لو كنتُ دَمعا فيكَ مُنْسَكِباً *** قَضَيتُ نَحْبي ولم أقضِ الذي وجَبا‏.‏

ومنها ألف النُّدبة، كقول أمَّ تأبَّطَ شرّأً‏:‏ وابنَ اللَّيل‏.‏ ومنها ألف التوجُّع والتأسُّف، وهي تقارب ألف النَّدبة نحو‏:‏ وا قَلباه‏!‏ وا كَرباه‏!‏ وا حُزناه‏!‏‏.‏

43-فصل في الباءات

- منها باء زائدة، وقد تقدّم ذِكرها، ويقال لبعضها‏:‏ باء التبعيض، كما قال عزَّ وجل‏:‏ ‏{‏وامسَحوا بِرُءوسِكُم‏}‏ أي بعضها‏.‏ ومنها القَسَم، كقولهم‏:‏ باللهِ، وبالبيتِ الحرامِ، وبحياتك‏.‏ ومنها باء الإلصاق، كقولك‏:‏ مَسَحتُ يَدَيَّ بالأرضِ‏.‏ ومنها باء الاعتمال، كقولك‏:‏ كَتَبْتُ بِالقَلَم، وضَرَبتُ بالسَّيف، وزَعَمَ قوم أنَّ‏.‏

ومنها باء المُصاحَبة، كما تقول‏:‏ دخل فلان بثياب سفره، وركب فلان بسلاحه، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وقد دَخَلوا بِالكُفرِ وهُمْ قَدْ خضرضجوا بِهِ واللهُ أعْلَمُ بِما كانوا يَكتُمون‏}‏‏.‏

ومنها باء السبب، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وكانوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرين‏}‏ أي من أجل شُركائهم‏.‏ وكما قال‏:‏ ‏{‏والذين هم بربِّهم لا يُشْرِكون‏}‏ أي من أجله‏.‏ ومنها الباء الدّاخلة على نفس المخبر والظاهر أنها لغيره، نحو‏:‏ رأيتُ بِفلانٍ رجلا جَلْداً، ولَقيتُ بِزيد كَريماً، توهمُ أنك لقيتَ بزيدٍ كريماً آخر غير زيد، وليس كذلك وإنما أردت نفسه، كما قال الشاعر‏:‏

إذا ما تأمَّلتُهُ مُقْبِلا *** رأيتَ بِهِ جَمْرَةً مُشعَلة‏.‏

وفي القرآن‏:‏ ‏{‏فاسْأل بِهِ خَبيرا‏}‏‏.‏

ومنها الباء الواقعة موقع ‏(‏مِن وعَنْ‏)‏ كما قال عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِع‏}‏ أي عن عذاب واقع، وكما قال‏:‏ ‏{‏عينا يَشْرَبُ بها عباد الله‏}‏ أي منها‏.‏

ومنها الباء التي في موضع ‏(‏في‏)‏، كما قال الأعشى‏:‏

ما بُكاءُ الكَبيرِ بالأطلالِ ***

أي في الأطلال، وقال الآخر‏:‏

ولَيلٍ كأنَّ نجومَ السَّماء *** بِهِ مُقَلٌ رُنَّقَتْ للهُجُوعِ‏.‏

ومنها الباء التي في موضع ‏(‏على‏)‏ كما قال الشاعر‏:‏

أَرَبٌ يَبولُ الثُّعلُبَانُ بِرأسهِ *** لقَدْ ذَلَّ مَنْ بالتْ عليهِ الثَّعالبُ‏.‏

أي على رأسه‏.‏ ومنها باء البدل، كما تقول‏:‏ هذا بذاك، أي عوض وبدل منه، كما قال الشاعر‏:‏

إنْ تَجْفُني فَلَطالَما وصَلتَني *** هذا بذاك فَما عليك مَلَامُ‏.‏

ومنها باء التعدية، كقولك‏:‏ ذهبت ورجعت به‏.‏ ومنها الباء بمعنى حيثُ، كقولهم‏:‏ أنتَ بالمُجَرَّب، أي حيث التَّجريب‏.‏ وفي كتاب الله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏فلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ‏}‏ أي حيث يفوزون‏.‏

44- فصل في التاءات

- منها ما يُزاد في الإسم، كما زيد في‏:‏ تَنْضُبُ وتَتْفُلُ‏.‏

ومنها ما يزاد في الفعل، نحو‏:‏ تَفَعَل، وتَفاعَل وافْتَعَلَ، واسْتَفْعَلَ‏.‏

ومنها تاء القَسَم، تقول‏:‏ تالله لأفعلنَّ كذا، أي بالله‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏وتاللهِ لأكيدنَّ أصْنامَكُمْ‏}‏ ولا تستعمل هذه التاء إلا مع اسم الله عزَّ وجلّلأ‏.‏

ومنها التاء التي تزاد في رُبَّ وثُمَّ ولا، وتقدم ذكرها‏.‏

ومنها تاء التأنيث، نحو تَفْعَلُ وفَعَلْت، وتاء النَّفس، نحو فَعَلتُ، وتاء المخاطبة نحو فَعَلْتِ‏.‏

ومنها تاء تكون بدلا عن سين في بعض اللغات، كما أنشد ابن السكيت‏:‏

يا قاتلَ الله بني السَّعلاتِ *** عمرو بن مسعود شِرار النَّاتِ‏.‏

يعني شرار الناس‏.‏

45- فصل في السينات

- السين تزاد في استفعل، ويقال للتي في اسْتَهْدى واسْتَوهَبَ واسْتَعْظَمَ واسْتَسْقى، سين السؤال، وتُخْتَصرُ من سوف أفعل فيقال‏:‏ سأفعل، ويقال لها‏:‏ سين سوف‏.‏

ومنها سين الصيرورة كما يقال‏:‏ اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واسْتَنْسَرَ البِغاثُ، يُضربان مثلا للقويِّ يَضْعُف وللضَّعيف يقوى‏.‏ وتقارب هذه السين سين استقدم واستأخر‏:‏ أي صار متقدما ومتأخرا‏.‏

46- فصل في الفاءات

- منها فاء التعقيب كقولهم‏:‏ مررت بزيدٍ فعمرو، أي مررت بزيد وعلى عقبه بعمرو، وكما قال امرؤ القيس‏:‏

بِسِقطِ اللوى بينَ الدَّخول فَحَومَلِ ***

ومنها الفاء تكون جوابا للشرط كما يقال‏:‏ إن تأتني فحسنٌ جميل، وإن لم تأتني فالعذرُ مَقبول، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين كفروا فَتَعْساً لَهُمْ‏}‏، وقال صاحب كتاب الإيضاح‏:‏ الفاء التي تجيء بعد النفي والأمر والنهي والاستفهام والعرض والتمني ينتصب بها الفعل، فمثال النَّفي‏:‏ ما تأتيني فأُعْطيك، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما مِنْ حِسابِكَ عَليهِمْ مِن شيء فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكونَ مِنَ الظَّالِمين‏}‏‏.‏ ومثال آخر، كقولك‏:‏ ائتني فأعرِفَ بك، ومثال النَّهي كقولك‏:‏ لا تَنْقَطِعْ عنَّا فَنَجْفوَك‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏ولا تَطْغَوا فيه فَيَحِلَّ عليكُمْ غَضَبي‏}‏، ومثال الاستفهام كقولك‏:‏ أما تأتينا فتُحَدِّثَنا، ومثال العرض‏:‏ ألا تنزِلُ عندنا فَتُصيبُ خَيراً، ومثال التمنِّي‏:‏ ليتَلي مالا فَأُعطيكَ‏.‏

47-فصل في الكافات

-تقع الكاف في مخاطبة المذكّر مفتوحة، وفي مخاطبة المؤنَّث مكسورة، نحو قولك‏:‏ لكَ ولَكِ‏.‏ وتدخل في أول الإسم للتشبيه فتخفضه، نحو قولك‏:‏ زيد كالأسد وهند كالقمر‏.‏ قال الأخفش‏:‏ قد تكون الكاف دالَّة على القرب والبعد، كما تقول‏:‏ للشيء القريب منك‏:‏ ذا وللشيء البعيد منك‏:‏ ذاك‏.‏

وقد تكون الكاف زائدة كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏ليسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ‏}‏‏.‏ وتكون للتّعجب كما يقال‏:‏ ما رأيت كاليوم ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ‏.‏

48- فصل في اللامات

- اللام تقع زائدة في قولك‏:‏ وإنَّما هو ذلك‏.‏

ومنها لام التأكيد، وإنّما يقال لهذه اللام لام الإبتداء نحو قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏لأنْتُمْ أشَدُّ رَهْبَةً في صُدورِهِمْ مِنَ اللهِ‏}‏‏.‏

ومنها في خبر إنَّ نحو قولك‏:‏ إنَّ زيداً لقائم، وفي خبر الإبتداء، كما قال القائل‏:‏

أُمُّ الحُلَيسِ لَعَجوزٌ شَهْرَبَهْ ***

ومنها لام الاستغاثة ‏(‏بالفتح‏)‏ كقولك‏:‏ يا للناس، فإذا أردت التعجب ‏(‏فبالكسر‏)‏‏.‏ ومنها لام المُلك كقولك‏:‏ هذه الدّار لزيد‏.‏

ولام المُلك كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ‏}‏ أي من أجله‏.‏ عن الكسائي‏.‏ وكقوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصلاةَ لِدُلوكِ الشمسِ إلى غَسَقِ اللَّيلِ‏}‏ أي عند دلوكها‏.‏

ومنها لام ‏(‏بَعْدَ‏)‏، كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «صوموا لِرُؤيتِهِ وأفْطِروا لِرؤيته»‏.‏

ومنها لام التخصيص كقولك‏:‏ الحمد لله، فهذه لام مختصَّة في الحقيقة بالله ومثلها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والأمر يومئذٍ لله‏}‏‏.‏

ومنها لام الوقت كقولهم‏:‏ لِثَلاثٍ خَلَونَ من شهرِ كذا، أو لِأربع بَقينَ من كذا قال النَّابغة‏:‏

تَوَهَّمتُ آياتٍ لها فعرفتها *** لِسِتَّةِ أعوام وذا العام سابعُ‏.‏

ومنها لام التعجب كقوله‏:‏ لله درُّهُ، ويقال‏:‏ يا للعجب، معناه‏:‏ يا قوم تعالوا إلى العجب، وقد تجتمع التي للنداء والتي للتعجب، كما قال الشاعر‏:‏

ألا يا لَقَوْمِي لطَيْفِ الخيالِ ***

ومنها لام الأمر، كما تقول‏:‏ ليفعل كذا وليطلق كذا، وفي القرآن العزيز‏:‏ ‏{‏ثمَّ لِيَقضوا تَفَثَهُمْ وَلِيوفوا نُذورَهُمْ‏}‏‏.‏

ومنها لام الجزاء كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏إنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتحاً مُبينا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّم من ذَنبِكَ وما تأخَّرَ‏}‏‏.‏

ومنها لام العاقبة، كما قال الله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏فالتَقَطَهُ آلُ فِرعونَ لِيَكونَ لَهُمْ عدوَّاً وحَزَنا‏}‏ وهم لم يلتقطوه لذلك، ولكن صارت العاقبة إليه‏.‏ وقال سابق البربري‏:‏

ولِلموتِ تَغْزو الوالداتُ سِخالَها *** كما لِخَراب الدَّهرِ تُبنى المساكِنُ‏.‏

49- فصل في الميمات

- الميم تزاد في مِفعل ومَفعل ومُفاعلة وغيرها‏.‏

وتزاد في أواخر الأسماء للمبالغة، كما زيدت في زُرقم وسُتهُم وشدقم‏.‏

وقرأت في رساله الصاحب بن عباد، ولكن للتَّبَظْرم خفة‏.‏ وفي ‏(‏تبظرَم‏)‏ زَعم غلام ثعلب أن البظر‏:‏ الخاتم، وأن قولهم‏:‏ ‏(‏تبظرم‏)‏ مشتق من ذلك وأحسبه حسب الميم تزاد في التصاريف، كما زيدت في زُرْقم وسُتْهُم‏.‏

50- فصل في النونات

- النون تزاد أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة‏.‏

فالأولى‏:‏ في نَعْثَل‏.‏

والثانية‏:‏ في قولهم‏:‏ ناقة عَنْسَل‏.‏

والثالثة‏:‏ في قَلَنْسُوة‏.‏

والرابعة‏:‏ في رَعْشَن‏.‏

والخامسة‏:‏ في صَلَتان‏.‏

والسادسة‏:‏ في زَعْفران‏.‏

وتكون في أول الفعل للجمع نحو‏:‏ نُخرج، وفي آخر الفعل للجمع المذكر والمؤنث، نحو يخرجون ويخرجن، وعلامة للرفع في نحو، يخرجان، وفي قولك الرجلان‏.‏

وتقع في الجمع نحو مسلمون، وتكون في فعل المطاوعة، نحو كسرته فانكسر، وقلبته فانقلب‏.‏

وتكون للتأكيد مخففة ومثقَّلة في قولك‏:‏ اضربنْ واضربنَّ‏.‏ وتكون للمؤنث نحو تفعلينَ‏.‏

51- فصل في الهاءات

- الهاء تزاد في زائدة ومدركة وخارجة وطابخة‏.‏

وهاء الاستراحة، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ما أغنى عنِّي ماليَهْ‏.‏ هَلَكَ عنِّي سُلطانيهْ‏}‏‏.‏

وهاء الوقف، على الأمر من وشى يَشي، ووقى يَقي، ووعى يَعي، نحو شِه وعِه وقِهْ‏.‏

وهاء الوقف، على الأمر من اهتدى واقتدى كما قال الله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏فَبِهُداهُمُ اقتَدِهْ‏}‏‏.‏

وهاء التأنيث، نحو قاعدة وصائمة‏.‏

وهاء الجمع، نحو ذُكورة وحِجارة وفُهودة وصُقورة وعُمومة وخُثوله وصِبيه وغِلمة وبررة وفجَرَة وكَتَبه وفَسَقَه وكفَرة وولاة ورعاة وقضاة وجبابرة وأكاسرة وقياصرة وجحاجِحَة وتَبابِعَة‏.‏

ومنها هاء المبالغة، وهي الهاء الداخلة على صفات المذكَّر نحو قولك‏:‏ رجل علَّامة، ونسَّبة وداهية وباقِعَة‏.‏ ولا يجوز أن تدخل هذه الهاء في صفة من صفات الله عزَّ وجلَّ بحال وإن كان المراد بها المبالغة في الصفة‏.‏

ومنها الهاء الداخلة على صفات الفاعل لكثرة ذلك الفعل منه، ويقال لها هاء الكثرة، نحو قولهم نُكْحَةَ وطُلْقَةَ وضُحْكَةَ ولُمْنَةَ وسُخْرَةَ وفي كتاب الله‏:‏ ‏{‏ويلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ‏}‏ أي لكل عَيَّبَة مُغتابَة‏.‏

ومنها الهاء في صفة المفعول به، لكثرة ذلك الفعل عليه، كقولهم‏:‏ رجل ضُحكة ولُعنة وسُخرَة وهُتكَة‏.‏

ومنها هاء الحال في قولهم‏:‏ فلان حسن الرَّكْبة والمشية والعِمَّة‏.‏

وهاء المرة كقولك‏:‏ دخلت دخلة وخرجت خرجة‏.‏ وفي كتاب الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وفَعَلتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلتَ‏}‏‏.‏

52- فصل الواوات

- لا تكون الواو زائدة في الأول وقد تزاد في الثانية نحو كوثر وثالثة نحو جَرْوَل ورابعة نحو قَرْنُوة وخامسة نحو قَمَحْدُوة‏.‏

ومن الواوات واو النسق وهو العطف كقولك‏:‏ رأيت زيدا وعمرا‏.‏

وواو العلامة للرفع، كقولك‏:‏ أخوك والمسلمون‏.‏

والواو التي في قولك‏:‏ لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وقول الشاعر‏:‏

لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ ***

وفي القرآن العزيز‏:‏ ‏{‏ولا تلبسوا الحقَّ بالباطل وتَكتُموا الحقَّ وأنتُمْ تَعْلَمون‏}‏ ومنها واو القَسَم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والنَّجم إذا هوى‏}‏، ‏{‏والسَّماءِ ذاتِ البُروجِ‏}‏، ‏{‏والشَّمْسِ وضُحاها‏}‏‏.‏

ومنها واو الحال كقولك‏:‏ جاءني فلان وهو يبكي، أي في حال بكائه، وفي القرآن‏:‏ ‏{‏تَوَلَّوا وأعْيُنُهُمْ تَفيضُ مِنَ الدَّمع حَزَناً أنْ لا يَجِدوا ما يُنْفِقونَ‏}‏‏.‏

ومنها واو رُبَّ كقول رؤبةَ‏:‏

وقاتِمُ الأعماقِ خاوي المُخْتَرَقْ ***

أي وربَّ قائم الأعماق‏.‏

ومنها الواو بعنى مع، كقولك‏:‏ استوى الماء والخشبة‏.‏ أي مع الخشبة،ولو تُرِكَتْ وفصيلها لرضعها، أي مع فصيلها‏.‏

ومنها واو الصلة، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا ولها كِتَابٌ مَعْلُومٌ‏}‏‏.‏

ومنها الواو بمعنى إذ، كقوله عزَّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وطائِفَةٌ قد أَهَمَّتْهُمْ أنْفُسَهُمْ‏}‏ يريد إذ طائفة، كما تقول‏:‏ جئتُ وزيد راكب، تريد‏:‏ إذ زيد راكب‏.‏

ومنها واو الثمانية، كقولك‏:‏ واحد إثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏سيقولون ثلاثة رابعُهُم كَلبُهُم ويقولون خَمسةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجماً بالغيبِ ويقولون سَبعةٌ وثامِنُهُمْ كَلبُهمْ‏}‏ وكما قال تعالى في ذكر جهنَّم‏:‏ ‏{‏حتَّى إذا جاءوها فُتِحَتْ أبْوابُها‏}‏ بلا واو، لأنَّ أبوابها سبعة‏.‏ ولما ذكر الجنَّة قال‏:‏ ‏{‏حتى إذا جاءوها وفُتِحَتْ أبوابُها وقال لهم خَزَنَتُها‏}‏ فألحق بها الواو، لأنَّ أبوابها ثمانية وواو الثمانية مستعملة في كلام العرب‏.‏